تأمّل اليوم : (الله يرشدك إلى الطريق)



الله يرشدك إلى الطريق


النص الإنجيلي:

لَكِنَّها لَمْ تَسْتَطِعْ الاستِمرارَ فِي إخفائِهِ، فَأحْضَرَتْ سَلَّةً مَصنُوعَةً مِنَ القَصَبِ، وَسَدَّتْ ثُقُوبَها بِالزِّفتِ وَالقارِ، وَوَضَعَتِ الوَلَدَ فِيها. ثُمَّ وَضَعَتْها بَينَ القَصَبِ عَلَى ضِفَّةِ نِهْرِ النِّيلِ.

وَكانَتْ أُختُهُ تُراقِبُ مِنْ بَعِيدٍ لِتَرَى ما سَيَحدُثُ لَهُ.

وَنَزَلَتِ ابْنَةُ فِرعَوْنَ لِتَسْتَحِمَّ فِي نَهرِ النِّيلِ، بَينَما كانَتْ خادِماتُها مَعَها عَلَى ضِفَّةِ النَّهرِ.

وَرَأتِ ابْنَةُ فِرعَوْنَ السَّلَّةَ بَينَ القَصَبِ، فَأرسَلَتْ خادِماتِها لإحضارِها.

وَلَمَّا فَتَحَتِ ابْنَةُ فِرعَوْنَ السَّلَّةَ، رَأتِ الطِّفلَ.

وَكانَ الطِّفلُ يَبكِي، فَأشفَقَتْ عَلَيهِ، وَقالَتْ فِي نَفسِها: «هَذا مِنْ أولادِ العِبْرانِيِّين.»

فَقالَتْ أُختُ الطِّفلِ لابْنَةِ فِرعَوْنَ :

«هَلْ تَرغَبِينَ فِي أنْ أذهَبَ وَأُحضِرَ لَكِ مُرضِعَةً مِنَ النِّساءِ العِبرانِيّاتِ لِتُرضِعَهُ لَكِ؟»

فَقالَتِ ابْنَةُ فِرعَوْنَ :

«اذهَبِي!»

فَذَهَبَتِ الفَتاةُ وَدَعَتْ أُمَّ الطِّفلِ.

وَقالَتِ ابْنَةُ فِرعَوْنَ لَها :

«خُذِي هَذا الطِّفلَ وَأرْضِعِيهِ لِي، وَسَأدفَعُ لَكِ أُجرَتَكِ.»

فَأخَذَتِ المَرأةُ الطِّفلَ وَأرْضَعَتْهُ.
(خروج ٢ : ٣ – ٩)


التأمّل :

لكي تنقذ يوكابد إبنها الصغير، قامت بوضعه في سلّة مصنوعة من البردي المطلي بالقار (الزّفت) ثم وضعت السلّة على ضفة نهر النيل، بعد ذلك، رفعت يوكابد صلاتها إلى الرّب وهي تدفع تلك السلّة بيدها عبر المياه على أمل أن تكون قد أرسلت إبنها إلى مصيره الجميل وليس إلى قدره المشؤوم.

قالت يوكابد لإبنتها مريم أن تتبع السلّة من بعيد فيما ظلّت هي واقفة عند ضفاف نهر النيل إلى أن غاب الطفل عن عينيها.

وحين رجعت مريم بالأنباء بعد ساعات وهي تلهث، عجزت يوكابد عن تصديق ما سمعته :

“لقد قامت إبنة فرعون بإنقاذ الصبي، وهي تريد إستئجارك لتكوني مرضعته!”

إنهمرت دموع الشكر من عيني يوكابد.

فرغم أنها ظنّت أنها لن ترى إبنها ثانية، إلا أنها ستعتني به الآن دون أن تخشى على حياته.

عاجلاً أم آجلاً وكما حدث مع والدي موسى، سوف يضطر والداك لوضع حياتك ومستقبلك بين يدي الله وإطلاقك بالبركة.

وكشاب صغير، ربما تجد صعوبة في فهم الصراع الذي يواجهه أبوك وأمك ما بين الخوف والإيمان حين يطلقانك في حياتك “في نهر النيل”.

فأنت مليء بالأحلام الكبيرة، فربما أنت منطلق نحو دراستك الجامعية، أو إلى الخدمة العسكرية، أو واقع في الحب.

وعلى أي حال، مهما كانت الخطوة القادمة في حياتك، لا تنس أبدا أنّ الله نفسه الذي إعتنى بالطفل موسى وهو يطفو على مياه نهر النيل المحفوفة بالمخاطر قادر على العناية بك وإرشادك أنت أيضاً.

تذكر أن الله نفسه كان يعتني بك ويرشدك منذ طفولتك سيرافقك أينما ذهبت في الحياة.

فهو لن يدعك تواجه صراعتك وحدك.

فأنت تنتمي لإله هذا الكون.

ورغم أن والديك الأرضيين سيضطران في يوم ما للسماح لك بالإنفصال عنهما، إلا أن أباك السماوي لن يفعل ذلك أبداً.

لذلك حين تخرج إلى العالم الكبير الموحش، تذكر أنك ما تزال بين يدي الله.

وكما حدث مع الطفل موسى، يمكنك أنت أيضا أن تنعم بالسلام والأمان أثناء إنطلاقك في رحلتك “في نهر النيل” علما أن الله يرشدك الطريق.

تعليقات