تأمّل اليوم : /الصوم في المسيحية/


[مفهوم الصوم عند البعض من آباء الكنيسة]


لأن الإنسان نفساً وجسداً، فهو بحاجة إلى أفعال الجسد. فالصوم أو الصيام كلاهما مصدر واحد صام يصوم صوماً وصياماً، وهو لغة الإمساك عن الطعام والشراب لفترة من الزمن. 
وأما الكلمة اليونانية νεστεια (نستيا) تعني الإمساك ويشير الإمساك هنا إلى ضبط الجسد والنفس فيصبح الإنسان سيداً على أهوائه وعلى رغباته. 
فضبط النفس والجسد بإذلالهما يؤدي إلى التواضع وهو شرط لدخول الملكوت. 
فالصائم كأنه يقول لله” أنا تائب نادم، ولست متعالياً أو متكبراً، فلا حاجة بك لإذلالي أكثر من ذلك”.

والصوم في الكتاب المقدس هو الإمتناع أيضا عن العلاقات الزوجية:
”…أوصوا بصوم مقدس… وليخرج العريس من مخدعه” 
(يوئيل ٢: ١٥-١٦). 

ويتضمن أيضا استرحام الله، فنجد هذا واضحاً في حالة داود عندما مرض ابنُهُ الذي ولدته بتشابع عقب خطيئته معها. 

”قد يَرحَمُني الرَّبُّ ويَحْيا الصَّبيّ” 
(٢ صموئيل ١٢: ١٦-٢٣).

وقد يكون الصوم تعبيراً عن الاتضاع أمام الرب، كما يقول الرب لإيليا النبي عن أحاب الملك عندما جعل المسح على جسده وصام:

رأيت كَيفَ ذَلَّ أحاب أمامَي؟ فلأَنَّه قد ذَلَّ أمامَي، لا أَجلُبُ الشَّرَّ في أَيَّامِه”
(١ ملوك ٢١: ٢٧-٢٩).

الصوم هو الإعتراف بأنّ الله هو السيد المطلق ومصدر حياة الإنسان قبل الخبز الذي يجود به الله علينا:

”ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحيْا الإِنْسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله”
(مت ٤:٤). 

وأما كيفية الصوم فهو التبرؤ من الرياء والنفاق إلى صدق الإخلاص والصفاء للبحث عن وجه الله تعالى الذي يرى في الخفاء، وقد وبخ الرب يسوع صوم الرياء والتظاهر قائلا:

”وإِذا صُمتُم فلا تُعبِّسوا كالمُرائين…” 
(متى ١٦  : ٦ - ١٨).

الصوم فعل من الأفعال المسيحية الثلاثة (الصوم والصلاة والصدقة(مت ٦)) الموجّهة نحو الآب السماوي الذي يرى في الخفية بخلاف الرغبة في أن يرانا الناس على ما جاء في كلام سيدنا يسوع المسيح:

”أَمَّا أَنتَ، فإِذا صُمتَ، فادهُنْ رأسَكَ واغسِلْ وَجهَكَ، لِكَيْلا يَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صائم، بل لأَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك”
(متى ٦: ١٧-١٨).

(منقول)

تعليقات