[ما هو دور الكنيسة في شريعة الصوم؟]
وضع لنا المسيح الخطوط الرئيسية للصوم، غير أنه لم يحدد أياماً للصيام، ولا ساعة لبداية الصوم كما لم يحدد لهذا الصيام إلتزامات أو ممنوعات أو مباحات، إنما أنهى عن الصوم الشكلي والظاهري، تاركاً التفاصيل للكنيسة لتبتّ فيها، ولتفسّر للمؤمنين كيفية الصوم بحسب البيئة والظروف، وبما تراه مناسباً لتحقيق مفهوم وهدف الصوم.
فوضعت الكنيسة قوانين للصيام.
وغايتها أن تكفل للمؤمنين الحد الأدنى الذي لا بد منه في روح الصلاة وفي الجهد الأخلاقي كي يتحد الجميع في ممارسة مشتركة لأعمال الصوم والإنقطاع للكفر بذواتهم والنمو في محبة الله والقريب.
فالصوم في كنيستنا الرومية الكاثوليكية كما وردت في الكتب الطقسيّة وفي نشرات الأبرشيّات والرعايا فهي كما يلي : الصوم الأربعيني الكبير: أيام الصوم هي أيام الأربعاء والجمعة من أسبوع مرفع الجبن.
وأيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة من أسابيع الصوم والأسبوع العظيم المقدّس.
ما عدا اليوم الذي يقع فيه عيد البشارة (٢٥ آذار).
سبت النور.
هو السبت الوحيد الذي يجب الصوم فيه.
بينما يمنع الصوم في السبوت الأخرى لإرتباط السبت بأحد القيامة.
أيام القطاعة تشمل الصوم الأربعيني بكامله بما فيها أيام الآحاد.
بالإضافة إلى الأسبوع العظيم المقدّس.
ما عدا عيد البشارة وأحد الشعانين حيث يسمح بأكل السمك.
القطاعة هي الإمتناع عن اللحم ومرق اللحم، وعن البياض، أعني البيض والجبن والألبان والزبدة إلخ… أما السمك فيسمح به في أيام معيّنة.
وكذلك الزيت والخمر في أيام معيّنة.
هذا مع العلم أن السينودس المقدّس قد ترك لكلّ مطران أن يعطي تعليمات وتوجيهات إضافيّة مناسبة لأبرشيّته.
من هنا أهمية الصوم وضرورته وفائدته لحياة العبادة والتقوى، كما نراه في الكتاب المقدس.
فلا حياة روحية بدونه، ولا يمكن بالتالي أن نتصور قديساً بلغ حياة القداسة من غير الصوم كما لا نتصور قداسة بغير صلاة ويغير أعمال الرحمة.
كما أن للصوم فائدته للنمو الروحي في الفضائل، وتحقيق عمل المواهب في النفس والجسد.
لهذا صام المسيح بعد حلول الروح القدس عليه بعد عماده، وصام الرسل بعد حلول الروح أيضاً في العنصرة، ولنفس الغرض يصوم أصحاب الدرجات الكهنوتية بعد نيلهم الدرجة الكهنوتية.
أهمية الصوم والصلاة وضرورتها عند البدء في كل عمل مهم، هو زمن تقشف لإسكات هتافات الجسد وضجيجه، فنتمكن من أن نسمع هتافات الروح ونتعمّق في كلمة الرب والعمل بمشيئته.
وإلا يكون صومنا مجرد إمتناع عن الطعام من دون إهتداء داخلي.
الصوم هو إرتداد القلب في العمق، وتجديد الحياة، والإستعداد لفتح أبواب النفس لنستقبل نعمة الله فموضوع الصوم في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد مرتبط بالتوبة.
فالشعب القديم كان يتوب ويصلي ويصوم طلباً لرحمة الله.
فهذه الثلاثة مرتبطة إرتباطاً كاملاً ببعضها.
فالصوم هو جزء من حياة التوبة لذلك شدّدت الكنيسة منذ القديم في زمن الصوم الكبير على فكرة توبة الشعب، ومراجعة النفس للوصول إلى الفصح والقيامة مع المسيح.
الصيام إذاً ليس طقوساً نتبعها، بتغيير عادات الطعام والشراب فقط بل هو صيام النفس قبل الجسد ومن ثم يتبعها حرمان الجسد من بعض الأطعمة، أو البقاء دون طعام.
وذلك بصرف وقتاً للصلاة وعمل رحمة مميز، فالصوم يعلمنا ضبط النفس عن الماديات الزائلة ويجعلنا ننظر بعين الرضى إلى عطايا الله وأن نتذكّر أخينا الفقير.
لهذا ومن خلال الكتاب المقدس نكتشف أن الصوم : هو صلاة وعبادة إلى الله، هو التأمل وخلوة معه، هو صعود إلى الجلجلة المقدس حيث الصليب وتجلي قيامته.
هو إصغاء إلى صوته في برية العالم في حجرتك في عملك، في مدرستك وجامعتك، لكي تكتشف إرادة الله فتحققها في حياتك كما حققها المسيح في البرية.
من خلال كلمة الله وتعليم الكنيسة.
هو أن تتحمل بكل صبر وهدوء وطول أناة معاناة الحياة ومشاكلها وأن تظهر دائماً مبتسماً أمام الناس.
هو حب وعطاء لكل إنسان هو التضامن مع المحتاج، وصفحك وغفرانك لمن أساء إليك.
هو فرح تجلي لأنك بصومك تشارك المسيح في فرح قيامته، في فرح إنتصاره على الخطيئة وعلى الشيطان وعلى الموت فيتجلى فيك ضياء مجده الأبدي.
(منقول)
تعليقات
إرسال تعليق
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}