تأمّل اليوم : /أسبوع الآلام/



[ أسبوع الآلام ] 

إن أحداث الأسبوع الأخير مشحونة بمشاعر حب الله لنا إلى المنتهى …

بدأ الوحي الإلهي بإبدال لغة الكلام بلغة الطيب …، الطيب يفوح وينتشر بسرعة ويحمل معه نشوة رقيقة …
لقد سكب الرب ذاته … وكسر جسده وأعطاه لتلاميذه … سكب ذاته .. فوضع نفسه عند أرجل تلاميذه ليغسلها !!!

وسكب حبه حتى مع الخائن أعطاه اللقمة !! وعلى الصليب سكب ذاته من أجل الذين عروه .. وطعنوه ، وبصقوا في وجهه ، وجلدوه ، من أجلهم مات ومن أجلهم طلب الغفران ..
خدمة الطيب خدمة حب … فلنحب يا أخواتي الله من كل القلب …
ولنحب إخواتنا البشر من قلب طاهر بشدّة ، ونعمل كل أعمالنا بمحبة للسيد المسيح.



ما أجمل المصلوب .. الذي حول آلامه إلى ألحان جميلة ننشدها كل يوم من أيام البصخة المقدسة ويوم الجمعة العظيمة ، متذكرين بذلك آلامه .. وموته وقيامته .. وما أروع طريقة أداء اللحن نفسه .. ففي التطويل فرصة للتأمل فى قضية الخلاص .. والتركيز على محبة المصلوب من أجلنا .. ورفع القلب بالصلاة والتوبة والندم على الخطيئة التي أوصلت بفادينا ومخلصنا إلى الصليب …..

أسبوع الآلام هو أقدس أيام السنة, وأكثرها روحانية ….
هو أسبوع مملوء بالذكريات المقدسة في أخطر مرحلة من مراحل الخلاص, وأهم فصل في قصة الفداء.

وقد إختارت الكنيسة لهذا الأسبوع قراءات معينة من العهدين القديم والحديث, كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر .

كما إختارت له مجموعة من الألحان العميقة, ومن التأملات والتفاسير الروحية.

ويسمونه أسبوع الآلام, أو أسبوع البصخة المقدس, أو الأسبوع المقدس.

ففي اللغة الإنجليزية يقولون عنه The Holy Week (الأسبوع المقدس), وكل يوم فيه هو أقدس يوم بالنسبة إلى أسمه في السنة كلها.

فيوم الخميس مثلًا يسمونه The Holy Thursday أي الخميس المقدس.

ويوم الجمعة يسمونه The Holy Friday أي الجمعة المقدسة, وهكذا…
كان هذا الأسبوع مكرسًا كله للعبادة, يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم, ويجتمعون في الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل.

إن أسبوع الآلام هو أقدس أيام السنة.

الصوم فيه في أعلى درجات النسك أكثر من أي صوم آخر.

والعبادة فيه على مستوى أعمق، حيث يجتمع المؤمنون معًا في الكنيسة طوال الأسبوع يرفعون الصلوات بروح واحدة، ويستمعون إلى قراءات منتخبة من العهدين القديم والجديد، مع ألحان لها تأثير خاص، وطقس كنسي ينفرد به هذا الأسبوع المقدس.

وذكريات هذا الأسبوع عميقة في تأثيرها، نتبع فيها السيد المسيح خطوة خطوة، ونحن نرتل له التسابيح :

 “لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين، يا عمانوئيل إلهنا وملكنا”.

والمشاعر الروحية في هذا الأسبوع، لها عمقها الخاص.

الناس يكونون فيه أكثر حرصًا وتدقيقًا وجدية، وأكثر تفرغًا لله. طبعًا التفرغ الكامل هو الوضع الأساسي.

فإن لم يتوفر، يتفرغ الإنسان على قدر إمكانه، ويعطى الوقت لله….
إنه أسبوع ندخل فيه في شركة الآم المسيح.

نضع أمامنا كل آلامه من أجلنا، في إنسحاق قلب، وفي توبة صادقة، لكي نستعد للتناول في يوم الخميس الكبير، اليوم الذي أعطى فيه الرب عهده المقدس لتلاميذه الأطهار، وأسس هذا السر العظيم…..

في يوم الجمعة العظيمة … يوم الحب الفريد .. نطق السيد المسيح بعبارته الخالدة ..
يا أبتاه في يديك أستودع روحي …
وما هي روح السيد المسيح إلا كنيسته الخالدة …فقد سلمها أمانة في يدي الآباء ليحفظها علي مر الدهور …

ولإلهنا المجد الدائم الي الأبد ….

(القمس بيشوى كامل)

تعليقات