[ الراعي الصالح ]
من هو الراعي الصالح؟
يسوع وحده هو الراعي الحقيقي.
هو الراعي الصالح لأن حياته تجسّد صلاح إله العهد وحقيقته.
هو وحده يريد ما هو صالح وطيّب للبشر.
وإن جاء فلهذا الهدف فقط.
وفي الواقع، إن الميزة الوحيدة للراعي الصالح (يكرّرها يوحنا مراراً) هي أن “يبذل حياته من أجل خرافه”.
هو صالح لأنه يبذل حياته، ولأن ليس من برهان أعظم من أن يبذل الإنسان حياته عن أحبّائه.
هذا الراعي الصالح بعيد كل البعد عن “الأجير”، عن الراعي الذي يعمل لقاء أجر.
فصورة المسيح، الراعي الحقيقي، تتعارض مع كل أشكال السلطة البشرية التي تحاول أن “تجزّ” الآخرين من أجل مصلحتها وأنانيتها.
كما تتعارض مع “مسؤوليات” لا تكون تضحية بالذات من أجل خدمة الأخوة.
وسمّى يسوع أيضاً نفسه “الراعي الصالح” لأنه “يعرف أخصّاءه” و”يعرفه” أخصّاؤه.
وهذه المعرفة ليست نظرية ولا باطنية.
هي إتحاد حيّ، إتحاد القلب والفكر.
هل إيماننا هو في الحقيقة علاقة حبّ وخبرة حياة حميمة وشخصية متبادلة؟! إذ ليست الكنيسة “قطيعاً” لا قائد له.
هي إتحاد مع الراعي الصالح الذي يبدو له كل مؤمن على أنه “خروف فريد” يدعوه باسمه.
هذا ما يدهشنا.
فيسوع يقابل هذه المعرفة الحميمة التي يكنّها الراعي لكل منا، بالرباط الروحي والبنوي الذي يربطه بالآب.
هذا يعني أننا لم ننتهِ من اكتشاف غنى علاقتنا مع المسيح.
“ولي خراف أخرى ليست من هذه الحظيرة، فيجب أن آتي بها”.
ولهذا يمكننا القول أن يسوع هو :
١. الراعي الأمين :
يثبت في الصعوبات ولا يتنازل عن مبادئه التي إختطها كفلسفة حياة مقدسة تؤطر فكره ومنهج حياته.
أمانته عظيمة قد تجلت على عود الصليب، ولهذا علينا أن نبقى ممتنين لعجائبية حبة اللامتناهية، وأن ننغم آذاننا على صوته العذب.
٢. الراعي الساهر :
إنه يحمي القطيع ويسعى في إيجاد الخراف التي ضلّت طريقها.
لا يكتفي بإيجادها بل شفاء جروحها.
وهو بهذا يختبر اليقظة الروحية والسهر من أجل الآخر المجروح.
إنها مسؤوليتنا في أن نكون رعاة بحق من أجل الآخرين.
٣. الراعي الصالح :
الذي يقدم حياته من أجل خرافه، ويغذيهم بخبز الحياة، ويرويهم بماءه القدوس الشافي.
إن رغبة يسوع بأن يكون مع خرافه، لها بعد شامل (على مستوى الكون).
فحبّه كراع ساهر يمتدّ إلى جميع البشر دون تمييز بعرق أو بلد أو دين.
ففي كل مكان له خرافٌ مستعدة لأن “تسمع صوته” و”تتبعه”.
يريد أن يقودها كلها إلى “الحياة الأبدية”.
فالحظيرة الوحيدة التي لا ترذل أحداً ليست مكاناً محدّداً.
إنها حياة، حياة الآب.
ويتابع الراعي الصالح مهمّته الشاملة في الكنيسة.
إن كنيسة المسيح لا ترتبط “بحظيرة” حضارية، ولا ببنية من البنى.
إنها حضور، حضور الراعي الصالح الممجّد الذي يحافظ على وحدة القطيع.
ففي عملنا من أجل الوحدة، يجب أن لا ننسى أن الهدف ليس “الحظيرة” أو هذه الفئة أو تلك من الفئات المسيحية، بل سماع صوت الراعي الوحيد الذي ينادي كل إنسان بإسمه.
“الآب يحبّني لأنيّ أبذل حياتي”.
هذه العلاقة المُحبة مع الآب هي الأساس الشرعي الوحيد لمطالبة المسيح بأن يكون راعي الكون كله.
ولماذا يحبّه الآب؟
لأنه حين يعطي حياته يكشف عن حب الآب وينبت شعب الله الجديد.
هذه الحياة “لا يستطيع أحد أن يأخذها مني. فأنا أعطيها”.
هذه هي حرية يسوع السامية.
هو لا يخضع للموت كقدر لا مفرّ منه.
بل يقبله كموضع وحي لحبّ الآب.
وإرتبط هنا موته وقيامته كمرحلتين في تتميم مهمة واحدة هي:
إعلان صلاح الآب وحنانه.
(منقول)
تعليقات
إرسال تعليق
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}