موضوع اليوم : /براهين قيامة المسيح/ الجزء الثاني



[ براهين قيامة المسيح ] 


الجزء الثاني :


النظر إلى حقيقة أن يسوع ليس هو الشخص الوحيد الذي عاد إلى الحياة ، فما الذي يجعل قيامته فريدة من نوعها؟ لماذا تُعَد قيامة يسوع أكثر أهمية من غيرها؟

أولًا، إن لقيامة يسوع أهمية تفوق أية قيامة أخرى، وذلك ببساطة، لأن الرسل الملهمين والأنبياء قالوا إنها كانت كذلك.

قد ينتقد البعض هذا الأمر، لكنه صحيح.

وإن كان يسوع فعل ما فعله الآخرون، بما في ذلك قيامته من بين الأموات، إلا أن أهمية ما فعله ترجع إلى أن يسوع قد صنع المعجزات من منطلق كونه إبن الله والمسيا المنتظر.

وعلى طول الكتاب المقدس، نرى أناسًا صنعوا المعجزات ليثبتوا صحة رسالتهم الإلهية ( أنظر مر ١٦: ٢٠، عب ٢: ١-٤)، أما يسوع، فقد صنع المعجزات ليبرهن على حقيقة طبيعته الإلهية.

وذات مرة، وفي عيد التجديد في أورشليم، أحاطت مجموعة بيسوع وسألته :

"إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا"
( يو ١٠: ٢٤)

"أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي..... أنا والآب واحد"
( يو ١٠: ٢٥، ٣٠)

وقد فهم اليهود أن يسوع يدَّعي أنه إبن الله الظاهر في الجسد( ١٠: ٣٣، ٣٦)، ولكن يسوع أرادهم أن يفهموا أن هذا الحقيقة يمكن تأكيدها، وذلك بالمعجزات التي يصنعها.   

نعم، المعجزات تشهد على لاهوته ( يو ٢٠: ٣٠- ٣١).

لماذا؟ لأنه قال إنها كذلك ( ١٠: ٢٥، ٣٥- ٣٨)، قارن مع( ٥: ٣٦).

ذلك أن الأعمال التي عملها يسوع تحمل شهادة لحقيقة أنه كان من عند الآب( يو ٥: ٣٦)، ذلك أنه أقر أنه من عند الآب. 

المعجزة في حد ذاتها لا تثبت أن الشخص الذي صنعها هو الله.

إن موسى، إيليا، إليشع، بطرس، بولس، وغيرهم، قد صنعوا معجزات، وبعضهم أقام موتى.

ولكن، لا أحد منهم فعل معجزة ليبرهن على أنه الله الظاهر في الجسد. 

بل إن رسل وأنبياء العهد القديم، قد صنعوا المعجزات ليبرهنوا على صحة رسالتهم ، أي أن يسوع هو إبن الله، وليس أي منهم ( قارن أع ١٤: ٨- ١٨).

ومن ناحية أخرى، فإن معجزات يسوع تشهد أنه كان إبن الله، كما قال هو( يو ٩: ٣٥- ٣٨) .

وبالمثل ، فإن أحد الأسباب الجوهرية التي تجعل قيامة يسوع المعجزية أكثر أهمية بالنسبة للمسيحيين من إقامة لعازر، أو طابيثا، أو أفتيخوس، أو أي شخص آخر قام من الموت ، هو ببساطة، لأن كتّاب الإنجيل أقروا بذلك.

فلا يوجد هناك من إدعى أن لعازر كان إبن الله، لأنه قام من بين الأموات، ولم تنسب الكنيسة الأولى الألوهية لأفتيخوس أو طابيثا لمجرد أنهم ماتوا ثم قاموا من بين الأموات.

لم يزعم أي من الأفراد الذين سبق ذكرهم من قبل أن القيامة كانت دليلاً على الألوهية ، ولم يفعل أي نبي أو رسول ذلك.

ومن جانب آخر، فإن يسوع

"تعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ"
( رو ١: ٤).

وعلى ذلك، وحين ندرك من هو يسوع، أي كونه إبن الله ، نفهم أن قيامته مختلفة.

لذلك، كما أن معجزات يسوع أثناء خدمته على الأرض تشهد أن رسالته إلهية، وأن طبيعته إلهية، وكذلك قيامته.

وسبب آخر، أن قيامة يسوع تفوق قيامة أي شخص آخر، هو أن العهد القديم قد تنبأ بقيامته.

وفي عظته يوم الخمسين، أكد بطرس أن الله أقام يسوع من بين الأموات، لأنه ما كان للقبر أن يُمسك به.

ولكي يبرهن على ذلك، إقتبس من سفر المزامير ( مز ١٦: ٨- ١١)  الكلمات الآتية:

"جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ.  لِذلِكَ فَرِحَ قَلْبِي،وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ.لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا.  تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ.فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ."
( اع ٢: ٢٥- ٢٨)

ثم شرح بطرس هذا الإقتباس من كتاب المزامير بقوله:

"أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَارًا عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ،وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هذَا الْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيًّا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُالْمَسِيحَ  حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ،أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا.  فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ،وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ."
(أع ٢: ٢٩- ٣٢)

كما آمن بولس الرسول أن المزامير تشهد للمسيح، وأنها تحدثت عن قيامته.

وفي خطابة في أنطاكية بيسيدية،قال :

" وَنَحْنُ نُبَشِّرُكُمْ بِالْمَوْعِدِ الَّذِي صَارَ لآبَائِنَا، إِنَّ اللهَ قَدْ أَكْمَلَ هذَا لَنَا نَحْنُ أَوْلاَدَهُمْ، إِذْ أَقَامَ يَسُوعَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَيْضًا فِي الْمَزْمُورِ الثَّانِي: أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ.  إِنَّهُ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، غَيْرَ عَتِيدٍ أَنْ يَعُودَ أَيْضًا إِلَى فَسَادٍ، فَهكَذَا قَالَ: إِنِّي سَأُعْطِيكُمْ مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ.  وَلِذلِكَ قَالَ أَيْضًا فِي مَزْمُورٍ آخَرَ:لَنْ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا.  لأَنَّ دَاوُدَ بَعْدَ مَا خَدَمَ جِيلَهُ بِمَشُورَةِ اللهِ، رَقَدَ وَانْضَمَّ إِلَى آبَائِهِ، وَرَأَى فَسَادًا.  وَأَمَّا الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ فَلَمْ يَرَ فَسَادًا.  فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنَّهُ بِهذَا يُنَادَى لَكُمْ بِغُفْرَانِ الْخَطَايَا،  وَبِهذَا يَتَبَرَّرُ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَقْدِرُوا أَنْ تَتَبَرَّرُوا مِنْهُ بِنَامُوسِ مُوسَى."
( أع ١٣: ٣٢- ٣٩) 

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك نبوة عن قيامة إبنة يايرس؟ وأين تحدَّث الأنبياء عن إقامة افتيخوس وطابيثا؟ لم يحدث أن تنبأ أحد بذلك.

لم يتنبأ أي نبي من أنبياء العهد القديم عن قيامة أحد سوى قيامة يسوع المسيح، ولم يطبق أحد من رسل وأنبياء القرن الأول نبوات للعهد القديم عليهم.

وهذا يجعل قيامة يسوع فريدة.

(منقول)

تعليقات