تأمّل اليوم : للبابا بندكتوس /الشيطان يزرع الحرب، أما الله يخلق الفرح والسلام/



[ الشيطان يزرع الحرب، أما الله يخلق الفرح والسلام ] 

أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء، تقدم كلمة الله لنا في يوم الأحد هذا، من جديد، موضوعًا أساسيًّا ورائعًا كالعادة من الإنجيل : فهي تذكرنا بأن الله هو راعي البشرية.

هذا يعني أن الله يريد لنا الحياة، يريد أن يقودنا نحو مراع خصبة حيث يمكننا أن نتغذى ونستريح.

لا يريدنا الله أن نضلّ أو أن نموت، بل أن نبلغ هدف مسيرتنا والذي هو على وجه التحديد ملء الحياة.

الشيطان يزرع الحرب الله يخلق السلام… هذا ما يتمناه كل أب وأم لأولادهما: السلام الخير، والفرح، وتحقيق الذات.

يقدم يسوع نفسه في إنجيل اليوم كراع للخراف الضالة من بيت إسرائيل.

إن نظرته نحو الناس هي نظرة “رعوية”.

على سبيل المثال، يقول إنجيل هذا الأحد :

“لَمَّا نَزَلَ إِلى البَرّ رأَى جَمعًا كثيرًا، فَأَخذَتْه الشَّفَقَةُ علَيهم، لأَنَّهم كانوا كَغَنَمٍ لا راعِيَ لها، وأَخَذَ يُعَلَّمُهم أَشياءَ كثيرة”
(مرقس ٦:٤٣).

أي جسد يسوع الله الراعي من خلال طريقة تعليمه، وأعماله، بانحناءة على المرضى، والخطأة، و”الهالكين” (لوقا ١٩، ١٠)

ليعيدهم بسلام الى رحمة الآب. من بين “الخراف الضالة” التي خلصها يسوع، هناك امرأة تدعى مريم، من مدينة مجدلة، قرب بحيرة الجليل، ولذلك تدعى المجدلية، وتحتفل الكنيسة اليوم بذكراها. يقول لوقا الإنجيلي أن يسوع أخرج منها سبعة شياطين (راجع لوقا ١٨، ٢)، أي أنه خلّصها من انصياع كلّي للشرير.

ما هو هذا الشفاء العميق الذي حققه الله من خلال يسوع؟

الشيطان يزرع الحرب، أما الله يخلق الفرح والسلام
هو يتألف من سلام حقيقي، كامل، ثمرة تصالح الشخص مع ذاته وفي علاقاته كلها: مع الله، والآخرين، والعالم.

في الواقع، يسعى الشيطان دائما الى إفساد عمل الله، زارعًا الإنقسام في قلب الإنسان، بين الجسد والروح، بين الله والإنسان، في العلاقات الشخصية، والاجتماعية، والدولية، وأيضًا بين الإنسان والخليقة.

يزرع الشيطان الحرب.

يخلق الله السلام.

وعلاوة على ذلك، كما يؤكد القديس بولس :

“إنَّ المسيح سَلامُنا، قَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة وهَدَمَ في جَسَدِه الحاجِزَ الَّذي يَفصِلُ بَينَهما، أَيِ العَداوة”
(أفسس ٢، ١٤).

بهدف تحقيق عمل المصالحة هذا، إضطر يسوع الراعي الصالح أن يتحول الى حمل.

“حمل الله…الذي يرفع خطيئة العالم”
(يوحنا ١، ٢٩).

بهذه الطريقة فقط إستطاع أن يحقق وعد المزمور المذهل :

“الخير والرحمة يلازمانني جميع أيام حياتي وسكناي في بيت الرب طوال أيامي”
(مزمور ٢٣/٢٢، ٦).

أصدقائي الأعزاء :

تهز هذه الكلمات قلوبنا، لأنها تعبر عن رغبتنا العميقة، فهي تتكلم عن سبب وجودنا: الحياة، الحياة الأبدية! إنها كلمات كل من، على مثال مريم المجدلية، إختبر وجود الله في حياته، وعرف سلامه.

كلمات أصدق من أي وقت مضى على لسان العذراء مريم، التي تعيش إلى الأزل في مراعي السماء، حيث قادها الحمل الراعي.


يا مريم، أم المسيح سلامنا، تضرّعي لأجلنا!

 (زينيت) 

{كلمة قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي}

تعليقات