تأمّل اليوم : [ "الصعود" مصيرنا ]



[ "الصعود" مصيرنا ] 

مضت الأربعين يومًا على القيامة وصعد يسوع عائدًا إلى حيث ينتمي، عاد إلى بيت أبيه، أدّى رسالته وإنتهى! هل يتوقّف إيماننا عند هذا الحدّ؟ هل حدث الصعود كان نقطة النهاية لرسالته بيننا؟ إذا كان كذلك، لِما البحث والتعب إذًا في كل ما تعلّمنا إيّاه الكنيسة؟

من جهةٍ أخرى، لربّما حزِنّا وشعرنا بالوحدة وبالحاجة لوجوده محسوسًا ملموسًا في هذه الأيّام الصعبة والحروب الّتي تحيط بنا، والكوارث الطبيعية والبيئيّة، خاصة الإجتماعيّة منها!؟

في كلّ تلك التساؤلات والمواقف، بالتأكيد نحن لنا موقف الجليليين عينه حين قال لهم الملاك يوم الصعود :

"أيّها الجليليّون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ يسوع هذا الذي صعد عنكم إلى السماء سيعود مثلما رأيتموه ذاهبًا إلى السماء "
(أعمال ١ : ١١).



نهاية أم بداية ؟

إن الصعود، بحسب مفهومنا البشري، هو النهاية السعيدة للمسيرة الفصحية كلّها.

لكن، لا شكّ في أنّ هذا الحدث يحمل المعنى الجوهريّ والأمثل لمصير الإنسان، المعنى الحقيقي لما حمله لنا، نحن البشر، إنتصار يسوع على الموت.

كما أن البابا بنديكتس السادس عشر يؤكد في إحدى عظاته فيقول :

إن صعود يسوع له معنى مزدوجًا: أولاً ، أنه بعد أن أتمّ رسالته على الأرض، كشف لنا بداهة ألوهيّته بعودته إلى المكان الّذي أتى منه نحو الله.

ثم صعد إلى السماء مع كلّ البشريّة والّتي معه قامت من بين الأموات، متجلّية، مؤلّهة، صائرة أبديّة.

الصعود كشف لنا أيضًا الدعوة الفائقة لكلّ كائنٍ بشريّ، مدعوّ إلى الحياة الأبدية في الملكوت.

إنه، وهو الكلمة إبن الله، قد حمل معه بشريّتنا المتجلّية فيه، لأنه منها اتّخذ جسمًا من مريم العذراء و "صار إنسانًا " وعاش بيننا وتألم وصلب ومات وقام، واليوم يعود بالنفس والجسد إلى حضن الآب.

يعود إليه حاملًا راية مصير كلّ إنسان، مستحقًّا لنا الخلاص، مُقدِّمًا ذاته بكليتها عنّا، فهل ما زلنا نشك بأنّنا مخلّصون بكليّتنا، نفسًا وجسدًا؟


البشارة :

إلهنا العظيم، الكليّ القدرة، لم يتركنا وشأننا لضعفنا وقساوة قلوبنا، بل بقي معنا لأنه لم يخلقنا كي نَفنَى، أبدًا.

نحن من جلبنا الموت لأنفسنا بأنانيتنا وتشتّتنا، فخطئنا وإبتعدنا عن حنانه ورحمته.

أما هو، فلم يستطع تحمّل موتنا فكان لا بدّ من أن تتجسد كلمته من أجل الّذي اكتمل بالصعود بالنفس والجسد، كي تلين قلوبنا ونؤمن بمصيرنا الخلاصي الكامل لشخصنا الكامل فنرْحَم أنفسنا قبل الآخرين، وندرك أنه بدل أن نقف ناظرين إلى السماء لا ندري ما نفعل، لنتطلّع إلى ما ينتظرنا من عملٍ في حقله، عندها فقط نستطيع أن نذهب للبشارة في كلّ مكان، مؤمنين أن الرّب يعيننا ويؤيدّ كلامنا ويحامي بروحه عنّا. آميـــــــن.



صلاة : 

أيّها الآب السّماوي، نشكرك في هذا العيد، عيد صعود إبنك، ربّنا يسوع المسيح إلى السّماء، لأنّك لم تترك الكنيسة في حالةٍ من الحزن على الفراق بل في حالةٍ من الصلاة بإنتظار تحقّق الوعد بحلول الرّوح القدس.

أعطنا في هذا العيد أن ندرك أهميّة الصلاة في حياتنا وعلّمنا بروحك القدّوس أن نتواصل معك في كلّ ما نقوم به فيتمجّد بنا أسمك القدّوس وأسم إبنك وروحك القدّوس إلى الأبد، آميـــــــن.

(منقول)

تعليقات

إرسال تعليق

{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}


{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}