تأمّل اليوم : /الحياة مسيرة … فأين تسير؟!/



[ الحياة مسيرة … فأين تسير؟! ] 


الحياة مسيرة .. 

“أترك أرضك واذهب إلى الأرض التي أريك، إذهب إلى فرعون وخلّص شعبي، قم وامشِ، هلمّ خارجًا، طابيثا قومي، تشدّد إحمل سريرك وامش، إذهب وافعل كذلك، تعال وانظر، إذهب وأخبر، إذهب واغتسل، أبحر إلى العمق، …”

عبارات ونصوص اعتدنا أن نسمعها فباتت تمرّ على مسامعنا مرور الكرام، دون أن تهزّ فينا لا المشاعر ولا النخوة ولا الحماس… مع أنّها تفيض ديناميكيّة وتحث دومًا على التغيير والتجدّد.

فلو قرأنا تاريخ الخلاص منذ بدء التكوين حتّى يومنا هذا لوجدناه سلسلة دعوات ومحطات عبور.

منذ البدء كان العالم يتأرجح في ديناميكيّة؛ بين حزن وسعادة، موت وحياة، زنى وأمانة، … ولكن حلقة واحدة تربط هذه السلسلة فتخلق جوابًا لمَن يرفض أن يثق بقول الله لنا “لا تخف” وهو أن ” الله هو هو أمس واليوم وإلى الأبد” فهو أمين يطغى الحب على عالمه، فأصاب مَن قال “الحب أعمى” نعم فحب الله يعميه عن أخطائنا وأمراضنا وهفواتنا فلا يرى فينا إلا أبناء، ونحن نعيش عبيدًا في عالم بات فيه ألف وألف سيّد، إذ يحكم المال والتسلط والتكنولوجيا والأنا والمصلحة الشخصيّة… لقد استبدلنا استخدامها الطبيعي فبدل أن تبقى وسيلة نحن أسيادها باتت أسياد ونحن عبيد لها … وبقي الله أمينًا يحاول ويحاول وسيبقى يحاول.

بتنا نعيش في عالم، كل شيء فيه مسهّل جاهز متوفّر، نعمّا لحضارة تصبو دومًا للتقدّم، ولكن هل نحن حقًّا سعداء؟ أم نحن سكان عالم بات فيه الفرح المؤقت مبدأً يبحث عنه الجميع مع العلم أن السّعادة أقرب منّا إلينا؟… نعم فما السعادة سوى إيجاد الله، وما الله سوى نبض حبّ، نبض قلبك، نبض يدعوك لديناميّة حياةٍ تعجّ سعادة حتّى في أقصى الألم.



نعم أخي القارئ “قف لحظة” أُصْمُت وأَصْمِت ما حولك، وأصغِ لنبضات قلبك فهناك صوت الحبيب يدعوك لديناميكية بات عالم اليوم بعيدًا عنها، فبالرغم من قولنا إننا في عالم السرعة، ولكن عذرًا، فأنا أعتقد أننا أخطأنا التسمية نحن في عالم اللامعنى … نعم عندنا كل شيء ولكننا لا نملك شيئًا، فالعبد يفرض عليه العيش في ديناميكيّة جاهزة معلّبة … نعم أخي أظن أننا أخطأنا المسار فنحن لسنا عبيدًا نحن سادة هذا الكون، ألم يُسلّط الله ذاك الخالق المُبدع، أبانا الأوّل على كل شيء وأعطاه مهمّة تسمية كل خلائقه، ألم يعطه سندًا وعونًا ورفيقًا حين أحسّه بحاجة إليه حتّى لا يفقد سعادته؟!… ألم يبقَ أمينًا لحبّه ووعوده؛ فرغم المعصية أتى في وقته كعادته يتمشى مع آدم في الفردوس …

أخي أدعوك اليوم أن تأخذ كتابك المقدّس، تلك الكلمة الحيّة المُحيية، وتقلّبه وتغوص في حناياه من سفره الأوّل حتّى خاتمة الرؤيا، وستجد أنّه سلسلة دعوات لحياة ملؤها ديناميكيّة أبناء الله، سلسلة منسوجة بمنطق واحد: إنسان لا بل شعب ضعيف ورغم ضعفه يبقى إبنًا لخالق لا يقبل أن يبقى أحبّاءه في قعر الحزن والمرض فيتدخّل ويُدْخِل ديناميكيّة جديدة مجدّدة تدعو للسعادة… فأنت وأنا أبناء الملك، أبناء السعادة، أبناء القيامة، أبناء الملكوت … إيّاك أن تسمح لذاتك أن تكون عبدًا لشيء فينزع منك هويّتك فتخسر سعادتك وتجول في العالم سائحًا ضائعًا جائعًا للسعادة فتقبل مرغمًا بوجبات فرح عابر…

هيّا، قم … إذهب… إنطلق… لا تخف أيّها الملك عد واكشف كنزك فهو في داخلك فتجده يفيض سعادة … فاسعد ببنوّتك وأعدّ السعادة لمَن فقدها واستبدلها بفرح عابر مزيّف … إفتح كنز قلبك وأصغ فأبوك يدعوك لحياة تَعُجُّ بالمعنى والسعادة. 

(منقول)

تعليقات