في العام ١٩١٧، ظهرت العذراء مريم على ثلاثة أطفال بالقرب من فاطيما في البرتغال.
سلّمتهم ثلاثة “أسرار” كُشف عن إثنَين منهما في حين بقي الثالث مكتوماً حتى العام ٢٠٠٠.
كتب البابا بندكتس السادس عشر، الكاردينال جوزيف راتزينغر حينها وعميد مجمع عقيدة الإيمان، في تلك السنة وثيقة لاهوتيّة طويلة وتفسيراً لـ”السر الثالث” الشهير.طُلب منه حينها تفسير العلامات والرموز التي تحتويها ظهورات العذراء.
وقبل هذه الوثيقة، كثُرت التخمينات حول محتوى السر الثالث وكونه يتضمن الرسالة المفتاح لما ستكون عليه نهاية العالم.
ما الذي يكشفه فعلاً السر الثالث عن “نهاية الأزمنة”؟
يحتوي جزء من الرسالة التي كشفت عنها سيدة فاطيما عن صور مخيفة.
وتُفصل الأخت لوسيا، التي وثقت الظهورات مشهداً مرعباً :
“رأينا ملاك يحمل في يده اليسرى سيفاً مشتعلاً وتنبثق منه نار وكأنه سيُشعل العالم لكن النار كانت تخبت ما أن تلامس الضياء الذي كانت تشعه السيدة نحوه من يدها اليمنى : بكى الملاك وهو يشير إلى الأرض بيده اليمنى وقال بصوت عالٍ :
“التوبة! التوبة! التوبة! ورأينا نوراً كبيراً وهو اللّه :
"شيء شبيه بالصورة التي تعكسها المرآة للناس عندما يمرون أمامها"
أسقف متشح بالأبيض
“شعرنا انه الحبر الأعظم.”
ومطارنة آخرين وكهنة ورهبان وراهبات يتسلقون جبلاً شاهقاً كان على قمته صليب كبير جذوعه منحنيّة.
قبل الوصول إلى القمة، مرّ الحبر الأعظم بمدينة كبيرة نصفها ركام ونصفها الآخر يرتجف مع خطوات متداعيّة يعاني من الألم والحزن، صلى على نيّة أرواح الجثث التي كان يلتقيها في الطريق.
قد تعتبر هذه الصورة من صور “نهاية الأزمنة” تصف أرضاً قاحلة عانت أرضاً رهيباً.
وضّح راتزينغر معنى الصورة بالقول :
يذكرنا الملاك مع السيف المشتعل على يسار أم اللّه بصور شبيهة بصور رؤيا يوحنا.
يُمثل ذلك تهديد الدينونة الذي يلوح فوق العالم.
لم تعد اليوم إمكانيّة تحوّل العالم إلى رماد إثر تدفق بحر من النيران خيالاً : فقد خلق الإنسان نفسه من خلال إختراعاته السيف المشتعل.
وبكلمات أخرى، برهنت القنبلة النوويّة لنا أن ذلك ممكن وإقترفنا جرائم شبيهة بذلك خلال التاريخ الحديث.
لكن هذا المستقبل المؤسف ليس منقوشاً على الحجر.
وفي الواقع، هناك قوة أساسيّة تدعمنا.
وتكشف الرؤيا عن القوة التي تقف في وجه قوة الدمار – ضياء والدة الإله والدعوات إلى التوبة المنبثقة عن هذا الضياء بطريقة أو بأخرى.
وبالتالي، يتمّ التشديد على أهميّة الحريّة البشريّة : إن المستقبل لم يُحدد بطريقة لا يمكن تغييرها والمشهد الذي رأوه الأولاد ليس مقدمة فيلم لمستقبل لن يتغيّر فيه شيء.
آمن بندكتس بأن هذه الرؤيا تسلط الضوء على حريّة الفرد فشجعنا على التوبة والإيمان بالإنجيل.
مصيرنا ليس ضرورةً مصير دمار محتّم بل نحن مدعوون إلى الإلتفات إلى اللّه بملئ قلوبنا.
ويقول راتزينغر بخصوص السر الثالث :
“من توقعوا إعترافات مرتبطة بنهاية العالم والأزمنة أو مستقبل التاريخ سيصابون بخيبة أمل.”
يذكرنا يسوع أننا لن نعرف أبداً متى ينتهي العالم وعلينا أن نبقى متيقظين : منتظرين بصبر مجيء المسيح الثاني.
“فاسهروا إذا، لأنكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة. “
(متى ٢٥: ١٣)
كذلك لا تقدم لنا سيدة فاطيما مستقبلاً منقوشاً في الحجر بل تدعونا إلى التوبة لأننا سنحصد إما ثمار الخطيئة أو القداسة.
(منقول)
تعليقات
إرسال تعليق
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}