[ سيرة حياة القديس البابا يوحنا بولس الثاني ]
{رسل الرحمة الإلهية}
ولد كارول فويتيلا في ١٨ أيار ١٩٢٠ في كراكوف – بولونيا.
توفيت والدته وهو لا يزال في التاسعة، كان والده ضابطاً بالجيش.
كانت تربية كارول صارمة وورعة، وكشاب كان فويتيلا يعشق الرياضة، ومنها كرة القدم والتزحلق على الجليد، كما كان يحب التمثيل والمسرح.
وكان في سن المراهقة حينما إجتاحت الدبابات الألمانية بولندا عام ١٩٣٩.
خلال الحرب العالمية الثانية والإحتلال النازي إشتغل فويتيلا كعامل بينما كان يدرس اللاهوت سراً.
وفي عام ١٩٤٤ عقب حملة على التعليم الديني إضطر فويتيلا للإختباء، وأرسل الكثير من أصدقائه لمعسكرات الإعتقال.
واصل فويتيلا دراسته بعد الحرب، ورسم كاهناً في عام ١٩٤٦، وبحلول عام ١٩٦٤ وصل إلى منصب رئيس أساقفة كراكوف وأصبح كاردينالاً بعد ذلك بثلاث سنوات.
وخلال هذه السنوات حظي فويتيلا بالإحترام لموقفه إزاء النظام الشيوعي ببولندا.
لقد جاء إختيار كارول فويتيلا غير متوقع لتولي البابوية حينما أنتخب للمنصب عام ١٩٧٨، ولم يكن قد تجاوز الثامنة والخمسين من عمره.
وكان فويتيلا هو أول بابا غير إيطالي منذ ٤٥٠ عاماً وكان ينظر إليه على أنه غريب على المنصب، وقد تولى البابوية تحت إسم يوحنا بولس الثاني.
كما يعد أصغر من جلس على السدّة البابوية.
بين أولى زيارته زيارة قام بها لمسقط رأسه بولندا – وكانت أول زيارة بابوية لبلد تحت حكم شيوعي.
غير أن زيارته شجعت الناس وساعدت في زرع بذور الثورة التي قدر لها الميلاد بعد ذلك بعشر سنوات.
وبعد إثنين ضعفاء في المنصب، نظر إلى البابا يوحنا بولس الثاني على أنه رجل أفعال.
وأصبح البابا يوحنا بولس الثاني أكثر بابا يقوم بجولات خارجية في التاريخ.
وقد حذره مستشاروه من أن نفوذه المتنامي قد يجعله هدفاً للإغتيال، غير أنه لم يقلّل من ظهوره بشكل عام.
وفي ١٣ مايو ١٩٨١، تعرض لإطلاق النار وأصيب برصاص قاتل مأجور في ساحة القديس بطرس بينما كان يميل لتحيّة الجماهير.
وبعد فترة طويلة من التعافي إلتقى البابا مع التركي الذي أطلق عليه الرصاص، وأعلن له عن صفحه.
وقد تم تشديد الأمن المحيط بالبابا منذ محاولة إغتياله عام ١٩٨١، وإشتهر البابا خلال جولاته الخارجية العديدة بالعربة البابوية التي تنقله.
إعتبر القديس يوحنا بولس الثاني واحدًا من أقوى عشرين شخصية في القرن العشرين، وقد لعب دورًا بارزًا في إسقاط النظام الشيوعي في بلده بولندا وكذلك في عدد من دول أوروبا الشرقية.
وكذلك ندّد “بالرأسمالية المتوحشة” في تعليمه الإجتماعي؛ ونسج علاقات حوار بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الآنجليكانية إلى جانب الديانة اليهودية والإسلامية، رغم أنه أنتقد من قبل بعض الليبراليين لتمسّكه بتعاليم الكنيسة ضد وسائل منع الحمل الإصطناعي والإجهاض والموت الرحيم وسيامة النساء ككهنة، كذلك فقد إنتقد من بعض المحافظين بسبب دوره الأساسي في المجمع الفاتيكاني الثاني والإصلاحات التي أدخلت إثره على بنية القداس الإلهي، ولكسره عددًا وافرًا من التقاليد والعادات البابوية.
كان البابا واحدًا من أكثر قادة العالم سفرًا خلال التاريخ، إذ زار خلال تولّيه منصبه ١٢٩ بلدًا.
وكان يجيد الإيطالية والألمانية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والروسية والكرواتية إلى جانب اللاتينية والبولندية لغته الأم.
ويحتفظ التاريخ للقديس البابا يوحنا بولس الثاني بكونه أول بابا في التاريخ تطأ قدماه مسجداً في بلد مسلم إذ تم ذلك أثناء زيارة البابا لسوريا في مايو ٢٠٠١.
وكان البابا قد زار عام ١٩٨٦ المغرب وخرج الآلاف لإستقباله وإستمعوا لخطاب ألقاه في أكبر ملعب لكرة القدم بالمملكة.
وفي علاقاته مع اليهودية إعترف الفاتيكان بإسرائيل بشكل رسمي عام ١٩٨٦ وزار في نفس العام كنيساً في روما مع كل ما يحمله ذلك الإعتراف وتلك الزيارة من أبعاد عقائدية.
وكانت حياة البابا تعرضت في السنوات الأخيرة لعدة إنتكاسات صحية وقام بإجراء عدة عملية جراحية منها عملية أجريت أخيراً في القصبة الهوائية، كما أن إصابته بداء باركنسون (الشلل الرعاش) فاقم من حالته.
وقد أثار البابا جدلاً واسعاً في أوساط اليهود والشواذ مؤخراً في كتابه الأخير “الذاكرة والهوية” من خلال مقارنته بين الإجهاض والهولوكوست ووصفه زواج المثلين بأنه جزء من أيديولوجية الشر.
وإحتج اليهود على مقارنة البابا بين الإجهاض وبين ما يسمى بمذابح الهولوكوست بالرغم من تبريرات الكنيسة بأن البابا لم يكن يحاول وضع مذابح النازيين الألمان والإجهاض في كفة واحدة إلا أن ذلك لم يشفع له لدى اليهود.
في العام ٢٠٠٠ طلب البابا الغفران من جميع من أساءت إليهم الكنيسة سواء كانوا من أبنائها الذي حكموا بعض الأحيان ظلماً، أو من المسيحيين غير الكاثوليك الذين تعرّضوا للإضطهاد، أو من المسلمين بسبب الحروب الصليبية، أو من اليهود نظراً إلى شعور اللاسامية الذي كنّه لهم بعض المسيحيين.
الحبر الأعظم جال على معظم أصقاع الأرض، وقابل قادة وشعوباً من مختلف الأعراق والأديان، إيماناً منه بأن الله للجميع والسلام والمحبة لبني البشر كلهم، وهذه قمة الإنسانية وذروة الإتصال بالرب.
أعلنت خلال حبريته قداسة ٤٨٣ شخصًا وفق العقائد الكاثوليكية وطوباوية ١٣٤٠ آخرين، أي أن ما رفع خلال حبريته يوازي حصيلة أسلافه خلال القرون الخامسة السابقة، وفي ١٩ كانون الأول ٢٠٠٥ طلب البابا بنديكتس السادس عشر فتح ملف تطويب البابا يوحنا بولس الثاني، وإحتفل بإعلانه طوبايًا للكنيسة الكاثوليكية الجامعة في ١ أيار ٢٠١١.
وأعلن البابا فرنسيس الأحد ٢٧ ننيسان ٢٠١٤، أمام مئات الآلاف من الحجاج المتوافدين من مختلف أنحاء العالم، قداسة الحبرين الأعظمين البابا يوحنا بولس الثاني والبابا يوحنا الثالث والعشرون، بحضور البابا السابق بنديكتوس السادس عشر.
(منقول)
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}
تعليقات
إرسال تعليق
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}