بين سلام الأرض وسلام السّماء



[ بين سلام الأرض وسلام السّماء ] 

 إضطربت مريم لكلام الملاك الذي حيّاها تحيّةً سماوية ملؤها وقاعدتها السلام، للأمّ وللحشى الذين يحملان ملك السلام.

"السلام عليك يا مملؤةً نعمةً، الربُّ معك..".

إنّه الرب الذي سيُدعى يسوع، يكون عظيمًا وإبن العليّ يُدعى ويملك إلى الأبد ولا يكون لملكه إنقضاء (لو ٣١/١-٣٣).

في هذه البشارة بادر الله الآب إعداد مريم لسرّ تدبيره الخلاصي.

عصمها منذ لحظة بداية تكوينها في حشا أمّها القديسة حنّة، من الخطيئة الأصلية، خطيئة آدم وحواء.

جاعلاً من مريم حواء الجديدة التي ستدوس الحية والخطيئة.

هذا ما رمز إليه سلام الملاك جبرائيل :

"السلام عليكِ"

وهذا السلام معناه الفرح أي إفرحي يا مريم ولم يتوقف هنا بل أكمل قائلاً :

"يا مملوؤة نعمة، الربّ معك، مباركة أنت في النّساء".

إفرحي لأنّك ستحملين نعمة وهي إنّ إبن الله يسوع المسيح أي السلام سكن أحشاءك جاعلاً منه أوّل بيت قربان، مملكة تحمل عرش أمير السلام الذي سيملك على مملكةٍ تسودها الخطيئة والبغض والحروب… حاكمًا ومبشرًا بالسلام.

من هنا ستصبحين مباركة بين كلّ نساء العالم لأنّ الفرح والنّعمة سيملآن حياتك.

مريم تفتح قلبها لكلمة الله المتجسّد في أحشائها وتكرّس ذاتها بكليّتها لشخص إبنها وعمله :

"أنا أمة الرب"

مطواعة وطيّعة لمشيئته :

"فليكن لي كقولك".

بهذه المطواعية والمحبة تلقّت مريم أمير السلام في قلبها وفي أحشائها معًا وأسهمت بحريةِ إيمانها وطاعتها في خلاص البشر وتوطيد أسس السلام السّماوي المبني على العدالة والمسامحة والمحبة، من محافظة على إتّحادٍ وطيد بإبنها أمير السلام حتى الصليب، أداة السلام الذي كسر أداة الحرب والموت محوّلاً به الموت إلى حياة.

بهذا الإتّحاد الأمومي والحبّ الأمومي، من المهد إلى الصّليب، تسهرُ مريم على كلٍّ منّا أبناء وإخوة إبنها يسوع، المسافرين في عالم ملؤه سلامٌ أرضي مزيف مبني على القتل والحرب والموت، وسط المشقّات والمحن إلى أن نبلغ الوطن السعيد حيث تسود المحبة والعدالة والسلام فنرتّل مع الملائكة يوم ولادة أمير السلام ومع مريم أمه سيدة البشارة :

"المجد للّه في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة". آميـــــــن. 

(منقول)

بقلم الخوري جوني تنّوري، من الأبرشية البطريركية لنيابة جونية المارونية.


{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}


{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}

تعليقات