عشراتٌ من صفحات الفايسبوك تضع يوميّاً صوراً ورسومات وأفلام هي غاية في السذاجة والسطحيّة، ودعوات في غاية الرعونة تربطُ إيمان المتلقّي بكمّيّة “اللايكات” والمشاركات لتنزيلة فارغة أو كاذبة أو مفبركة، كإنعكاس خيال صورة سيدة حريصا على الضباب، أو ظهور ملامح شربل في صحن حمّص بطحينه، أو ظهورات عجائبيّة للصليب في كتب الرياضيّات والحساب، أو تجلّي “فوتوشوبّي” للمسيح على قربانة يرفعها كاهن في لا احد يعرف أين…
صفحات أخرى تدعو إلى تجميع ١٠ ملايين السلام عليكِ على نيّة البابا، أو إشعال شمعة فايسبوكيّة وهميّة على نيّة شفاءِ مريض، فهذا يقول إضغط لايك بقدر حبّك للمسيح ولمار شربل (وأظنّ أن البعض حطّم علبة مفاتيح حاسوبه لشدة حبّه للمسيح).
وذاك يقول إذا شايف وجّ مار شربل على شجرة الخنوب قول آمين ، وهذه وتلك وتينك وهؤلاء وأولائك كلّهم على نفس الطراز يضربون على وتر العاطفة الدينيّة ويستفزّونها!
لا شكّ أن بعض هذه الصفحات لا تحمل نوايا خبيثة، ولكنّها مع ذلك ترتكبُ خطأً كبيرًا إذ تساهم في نقل الصلاة من مكانها الحقيقيّ إلى مكانٍ وهميّ، أي تفقد الصلاة معنى القيام في حضرة الله، وتُختصر في كلمة تكتب على صفحة أو إشارة إعجاب أو عمليّة مشاركة!
لهؤلاء نقولُ عوضَ أن تدعو الأصدقاء إلى تلييك شمعة لا تحترق ولا تذوب على الفايسبوك على نيّة مريض، حريّ بكم أن تطلبوا الصلاة لأجله وتقدّسوا أو تتلوا المسبحة!
وثمّة صفحات غير بريئة، مغرضة وخبيثة، تضرب على وتر العاطفة الدينيّة، لاسيّما في وقت يُعاني المسيحيّون الإضطهاد والتهجير والخوف.
أصحاب هذه الصفحات يدّعونَ نشر الإيمان والتبشير بالمسيح والقدّيسين والكنيسة، ولكنّهم ذئابٌ خاطفة في ثياب حملان.
فطلب مليوني “السلام عليكِ” للبابا فرنسيس أمرٌ يبدو شريفًا للوهلة الأولى، ولكن تُرى علامَ حصل البابا من هذه الصلوات الرقميّة الجوفاء؟
ماذا إستفاد المؤمن نفسه عندما نزّل بواسطة النسخ والإلصاق، نصوصًا منشورة مسبقًا، يكتفي هو بمشاركتها، ولا يرافقها شيء لا من الصمت ولا من الخشوع ولا من اللقاء مع الله؟
أمّا هُم فمن المرجّح أنهم يستفيدونَ مادّيًّا وأنتم أدرى منّا بكيفيّة الإستفادة المادّيّة من خلال هذه المواقع! مع مليوني “لايك” طبعًا هناك فائدة…
أمّا فائدتهم الكبرى فهي في تحويل المؤمن عن أدبيّات الإيمان وشروط الصلاة الحقيقيّة والتضامن الحقيقيّ والمحبّة الحقيقيّة!
فأيّ محبّة لقداسة البابا إذا أمطرنا صفحات الفايسبوك باللايكات الجوفاء؟
ألا يقولُ المسيح من أحبّني سمع كلمتي؟
مغرضون أو أغبياء، النتيجة واحدة، وللأسف، إنّ الّذين ينخدعونَ وينقادونَ لَهم يساهمونَ في بثّ جهالاتهم وضلالاتهم، والأسف الكبير الكبير، هو في كون هذه المواقع والصفحات تستقطب الكثير من المكرّسين من كهنة ورهبان وراهبات.
من المفترض أن يتحاشى المُكرّسون أي تشجيع لهذه الصفحات، بل بالأحرى عليهم أن يبيّنوا بالمستندات والمراجع ضلال المعلومات المنزّلة، من صور وفيديوات ومقالات.
وعليهم أن يُطالبوهم حتّى بإلغائها…
فلنُظهرنّ بعض الوعي والنضج المسيحي الحقيقي.
ولنسكتنّ هذه الأبواق، لا بالقوّة ولا بالشتم، بل بالحجّة والحكمة والكلمة القاطعة الصارمة، وخاصة بقوة كلام الإنجيل وتعليم الكنيسة والقديسين العميقة.
والسلام!
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}
تعليقات
إرسال تعليق
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}