كتب الراهب اللبناني الماروني الأب يوحنا جحا على صفحته الخاصة على فايسبوك :
وخبرية خميس “الذكارى” (وهي كلمة غير موجودة في المعاجم) أتت نتيجة لمحاولة إسقاط المعنى الروحيّ على مناسبة دينيّة إجتماعيّة عائليّة، ربّما بسبب تمادي البعض في الشرب حتّى الثمالة…
والذي أطلق هذه الفرضيّة هو راهب لبنانيّ مارونيّ صديق لي لن أذكر إسمه قبل أن أستشيره… والنقاش حسبما أذكر حصل في دير كفيفان.
كانت الفكرة إذاً فرضيّة.
ولم يكن هناك أبحاث جدّيّة حول أصول هذه التسمية…
ولكن بما أن شعبنا يتماشى بسرعة مع كل جديد ويتبنّاه، فقد تحمّس الغيارى على الروحيّات وتبنَّوا هذه الفرضيّة كوحي إلهيّ معصوم وكثر المعلّمون والمعلّمات على الفايسبوك يصحّحون تسمية “خميس السكارى” بِـ “خميس الذكارى”…
يتملكني العجب بل يجتاحني عندما أرى شعبًا يزرع ذهنيّة العالم والمسرح والنجوميّة في القدّاس والأسرار وفي الوقت نفسه يريد أن يروحن العادات الشعبيّة…
لم يقدّم أحد دليلاً دامغاً على فرضيّة خميس “الذكارى” لا شيء سوى نوايا حسنة وروح ملكيّة أكثر من الملك!
أمّا إنتشارها فأتى بنعمة مار فايسبوك عليه السلام ونتيجة ترفّع مؤمني الإنترنت عن الأرضيّات وتمسّكهم بالسماويّات….
واليوم بالذات، بعد أن أتخمت من غزارة التعاليم التي إنهالت عبر وسائل التواصل لتقويم الخلل الروحيّ لخميس السكارى وتعميده على إسم خميس الذكارى، وبعد أن طفح الكيل، قرّرت التنقيب لعلّي أجد ما يجزم في الأمر…
ولقد وفّقني الله بمرجع سريانيّ غير لبنانيّ وجدت فيه ضالّتي المنشودة.
فإليكم النصَّ الذي وفّقتني العناية به لأجل وقف هذه المسرحية الروحيّة وهذا السبق التقويّ :
خـَمـْشي شابا دْسَــكاري ( خميس السكارى )
وهو تقليد شعبيّ أخذ عليه اهل برطلي منذ زمن قديم ( وقد يذكره البعض بأنه عادة قديمة في الشرق المسيحي وربما في الغرب أيضاً ) وفحواه أنه في يوم الخميس الذي يسبق الصوم الأربعيني ( الصوم الكبير ) أشيع بأنه في ليلة هذا الخميس يتوجب على رجال القرية وخصوصا من الشباب المتزوجين أو العزاب تناول الخمر ( العرق ) وهو المشروب الروحي الوحيد الذي كان متوفراً في تلك الأيام ، علماً أنه كان يـُحَضـَّر ويـُصَنـَّع في بيوت القرية ، فنادراً ما كنت تجد داراً يخلوا من هذا المشروب ، فتعمر الموائد خصوصاً باللحم المشوي والقلية الذي يكون مخزوناً في الدار والذي يتوجب التخلص منه خلال هذه الأيام قبل الصوم ، ويتزاور الأصدقاء والأقارب لعقد جلسات السمر في هذه الليلة التي سوف تطول أيام عودتها ، لأنهم مقبلون على الصوم .
في هذه الليلة وتسمى ( ليلة خميس السكارى ) يقولون أو هو شائع أنه من لا يتناول الخمر في مثل هذا اليوم يسقط أقرب المحبوبين إليه من سطح الدار ، ( أديو خـَمْشي شابا دْسـَكاري ، أيما دْلا شاتي أْمْنـَبْـلا بَـخـْتيه مْـكاري ) فالمتزوج يقال له سوف تسقط زوجته ، والخاطب خطيبته ، والعازب حبيبته إذا كان يحب ، أو أمه أو أخته ، وطبعاً هذا الإدعاء بعيد عن الحقيقة ولكن يستخدمه البعض كذريعة لإرضاء نهمه في شرب الخمر ، ولأنه أيضاً سوف يبتعد عن تناوله طيلة أيام الصوم الأربعيني ، حيث لا يحلّ شرب الخمر خلال أيام الصوم ، كونه يعبر عن الفرح وهو مخالف لما يذهب إليه الصوم ، وتعليم الكنيسة يرفضه أيضاً ، ومن المعروف أنّ أبناء برطلي كان الإيمان مرتبطاً بحياتهم اليومية لذا فتعليم الكنيسة يـُحترم وينفذ.
لا زالت هذه العادة يذكرها الكثيرين لأجل التسلية .
وهذا عنوان الموقع :
أما الآن وقد أفرغت ما في دلوي فأسأل المسيح إلهي حَرّ السؤال :
يا سيدي يسوع المسبح، يا إبن الله الأزليّ وكلمته التي بها خُلق الكون وكلُّ ما خُلق كان حسنًا، يا من علمتنا أنّ القليل من الخمر يفرّح قلب الإنسان ، يا من حوّلت ماء التطهير خمرًا في قانا لتفرّح أهل العرس، يا من جعلت، يوم الخميس المقدّس، الخمر رمز دمك المسفوح عنّا ووعدتنا أن تشربه معنا مجدّدا في الملكوت، أنت يا من نعتك أبناء دهرك بالأكول الشرّيب،
ألهِم عبيدك، وقد شارفوا أن يتفوّقوا عليك في الروحيّات، أن يكُفّوا عن تعديل التاريخ، وخلط شعبان برمضان، وتعيين أنفسم معلّمين وواعظين معصومين، وإفتح أفواه المعلّمين الحقيقيّين رعاة الكنيسة لينشروا التعليم الحقّ كما أنت علّمت، وإفتح آذان المؤمنين ليكونوا من السامعين القانعين الطائعين لك المجد آمين….
{مختارات الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع}
(منقول - موقع أليتيا)
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}
تعليقات
إرسال تعليق
{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}
{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}