الحرب بين العذراء والشيطان لم تنته بعد…


 أمثلة في زمن الكورونا... 

البشريّة الجديدة المخلّصة لم تعد إبنة حواء القديمة، إنما نحن نسل مريم، نسل أمّ صانع القيامة، فهي بقولها النعم، أعطت البشرية فرصة جديدة للمصالحة مع الله، ولنيل الخلاص.

الحرب بين الشرّ والبشرية ليست بجديدة، والحرب بين مريم والشيطان أيضاً ليست بجديدة.

الشيطان يكره النسل البشري، ويكره حواء الجديدة، أي مريم، أم المخلّص.

في زمن الحجر الصحي، لجأ الكاثوليك إلى صلاة المسبحة، فقامت قيامة البعض على هؤلاء بتهمة الهرطقة، وعبادة مريم أكثر من يسوع.

كيف سنشرح لكثيرين يعتقدون أننا تخلّينا عن حبنا ليسوع وإيماننا به ووهبنا كلّ هذا لمريم؟ بالنسبة إلى هؤلاء، نحن أصبحنا مريميين أكثر من مسيحيين.

لست بلاهوتي، ولا يهمنّي أحياناً الدخول في تعقيدات لاهوتية وعقائدية كلماتها أحياناً من صخر جامد لا يتحرّك في وقت جاء المسيح برحمته، بذاته الطاهرة فكان “الكلمة” التي أصبحت بشراً لنشعر بوجودها بيننا فنفهمها.

وهكذا لاهوتنا، إن لم يكن حياً كالمسيح، نافحاً الحياة في النفوس، فهو مادة جامدة لا مكان لها في عمل الخلاص.

بالعودة إلى موضوعنا.

كم من مرّات سمعت عن هؤلاء الذين يتهموننا أننا مريميين أكثر من مسيحيين، نعبد مريم ونضعها فوق يسوع…

يتهموننا أننا حدنا عن الأساس ونحن نعبد إمرأة كسائر البشر.

لم أبحث لاهوتياً عن مريم ويسوع، ولا عن ردّ الكنيسة عن هذا الأمر، بل تركت للروح القدس أن يساعدني في ذلك.

ثلاث وثلاثون سنة عاشها يسوع على هذه الأرض، مات شاباً.

لم نسمع عنه الكثير منذ ولادته حتى عرس قانا الجليل، بل أخبرنا الإنجيليون عن ولادته، عن علاقته بوالديه بكلمات قليلة، وعن مريم لم نعرف إلّا القليل أيضاً.

في هذه السنين، أمضى يسوع ثلاثين سنة فعليّة مع أمّه، أمّا السنوات الباقية فأمضاها مع تلاميذه.

أمضى مع بطرس ثلاثة سنين، بولس لم يعرفه بل عاشه للحظات في طريقه إلى دمشق.

باقي التلاميذ عاشوا معه وتعلّموا منه الكثير، فأصبحوا بالنسبة إلينا منارة تقودنا إلى المسيح.

ثلاث سنوات كانت كفيلة أن يبني فيها يسوع كنيسة بات عمرها آلاف السنين، ثابتة على صخرة الإيمان، تلتجىء فيها جميع الكنائس على إختلاف مذاهبها إلى كتابات الرسل وأعمالهم ملتحفين بتعاليمهم لأنهم هؤلاء هم الذين عايشوا يسوع، شربوا وأكلوا معه من الكأس ذاته، لمسوه، سمعوه، تكلّموا معه…

بطرس لم يراه على الصليب، بطرس لم يحمله أثناء ميلاده، بطرس نكره، بطرس طلب منه عدم الصعود إلى الصليب، بطرس حمل سيفه ليقاتل فلم يفهم المسيح، بطرس لم يصدّق النساء في أحد القيامة، بطرس بعد الصليب عاد إلى البحر ليأكل ويشرب، أي عاد إلى العالم.

بطرس الذي عايش يسوع فقط ثلاث سنين، أصبح الصخر وعلى هذا الصخر بنى يسوع كنيسته.

بولس، لم يعرف المسيح، كان يقتل المسيحيين، يضطهدهم من أورشليم إلى دمشق، لم يبحث عنه إلّا ليقتله، ليقتلعه من هذا الوجود، بينما المسيح هو الذي بحث عن بولس، فشفاه من خطيئته، وجعله كلمة صارخة في بريّة هذا العالم كيوحنا المعمدان.

فنور المسيح وصوته على طريق دمشق، جعلا بولس كلمة حق تضاف إلى صخرة بطرس.

يوحنا المعمدان سأل تلاميذه الذهاب إلى يسوع ليميّزوا إن كان هو حقاً المسيح، بشّر به، عمّده، هو قريبه، ومع ذلك ما زال بعيداً عن فهم يسوع.

ثلاث سنوات والكنيسة اليوم ما زالت تغرف منها لاهوتاً وقيماً، فماذا عن تلك التي عايشت يسوع سنين حياته كلّها على هذه الأرض؟

ماذا نقول عن تلك التي حملت بيسوع، ولدته، أطعمته، كسته، حملته بين ذراعيها.

ربّته، حمته من هيرودس، سافرت به إلى مصر.

علّمته، كلّمته، كلّمها… عاشت معه تحت سقف بيت واحد، غرفت منه الحب، الرحمة، العلم، الإيمان، الرجولة، الصبر، الرجاء، الحق…فأصبحا متشابهين.

حملته بأحشائها، رافقته إلى الصليب، حتى القيامة.

فإذا كان الرسل الذين عرفوه لسنوات قليلة، نكرّمهم ونسألهم ليرشدونا إلى يسوع، فكم بالحري تلك التي هي وهو جبلا ولم يفترقا أبداً بل سارت معه حتى الصليب.

أمّا ما يصدم، هو أنّ دم المسيح الذي نشرب، جسده الذي نأكل، هو دم مريم وجسدها أيضاً الذي شاركته به ليصبح بشراً، فهما في التكوين الجسدي واحد.

لولاك يا مريم، لما ولد يسوع، لما عرفنا هذا السر، لما تم الخلاص، في وقت يتهمنا بعضهم أننا لمريم أكثر من يسوع…

 أمام كل هذا، أرى معركة واضحة بين خطين ، خط يريد تدمير القيم المسيحية ، وخط كرّس بلده لقلب مريم الطاهر، وهنا لا نتحدث عن جماعة معينة، بل عن أبناء يسوع المؤمنين به فعلاً لا بالهوية فقط.

لن نخبركم عن مريم أم يسوع، فهي إبنة الشرق وتعرفه جيداً، هي الجاسلة على قمة جبل حريصا في لبنان، هي حارسة البحار  وحارسة الوادي في قنوبين  وغيرها من المناطق في لبنان والشرق…

هي سيدة التلّ، وسيدة الحصن، وسيدة لبنان، وسيدة الزروع، وسيدة الوردية…

هي أمنا، أم يسوع.

هي التي إنتصرت على الوثنيّة في أميريكا  اللاتينية فكانت عذراء غوادالوبي وإنتصرت بالحرب في أوروبا في معركة ليبانتو.

هي التي ظهرت على قوس قزح قكانت سيدة الحصن في إهدن.

هي الواقفة في مغدوشة والتي طلبت من يسوع أن يجترح أول أعجوبة له في قانا.

هي التي ستخوض المعركة وتسحق الأفعى التي تسعى إلى ضرب ما تبقى من قيم في لبنان.

وفي نهاية المطاف قلب مريم الطاهر سينتصر.

نعم، نحن لمريم، لأن مريم تقودنا إلى يسوع، ونحن ليسوع لأنه قال ليوحنا على الصليب أن يكون لمريم.

نحن ليسوع ومن أفضل من مريم ليقودنا إلى الينبوع؟

(منقول - موقع أليتيا)



{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}


{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}

تعليقات