مريم فرح كلّ المحزونين



“لقد أخذ الرّب جسداً إنسانياً حقيقياً من مريم الدّائمة البتوليّة”

( القدّيس أثناسيوس الرّسولي)

لا بدّ للمسيحيّ الحامل يسوع المسيح أن يحيا بتوليّة دائمة. 

فالبتوليّة لا تقتصر على الجسد وحسب وإنّما تتخطّاها إلى الفكر والنّفس والرّوح.

التّبتّل إلى الله، أي الإنقطاع عن العالم والتّفرّغ لعبادته، لا يعني بالضّرورة التّنسّك ضمن المكان والزّمان.

يحتاج المسيحيّ القلب والفكر، أن ينقطع عن العالم لأنّه وهو ليس من العالم، يعوزه أن يختار الطّريق الصّاعد أبداً نحو الحبّ والجمال.

أن تكرّس الذّات لله، فهذا يعني أنّك إخترت أن تعيش في هذا العالم مع المسيح وبالمسيح، وتكرّس كيانك للحبّ الإلهيّ. 

وهذا يشمل كلّ إنسان، أيّاً كانت مواهبه أو قدراته أو نوعيّة إلتزاماته الحياتيّة.

فإذا أراد العقل البحث والتّحليل، إستلزمه أن يستمدّ حكمته من عقل المسيح، كي لا يتعثّر بالتّمرّد العقلي، وكي لا تستحيل حكمته ظلاماً يهدّد الإنسانيّة.

وإذا ثارت التّناقضات في النّفس وأربكت صاحبها، أعوزها أن تتمسّك بنفس المسيح كي تتبيّن صوابها من خطئها.

وأمّا الرّوح الهائمة في حبّ السّيّد تتنقّى وتتطهّر بحبّه الفائق الوصف والإدراك.

ولئن كان التّبتّل يعني تكريس الذّات للحبّ الإلهي، وجب على المؤمن أن يفيض هذا الحبّ على الآخر، وإلّا خنقته الأنانيّة والسّيطرة والتّملّك.

هذا ما عاشته السّيّدة الدّائمة البتوليّة، إذ إنّها منحت الجسد للحبّ الأزلي، وإستمدّت منه منطقها وحبّها.

ومنحت البشريّة كلّها حبّاً غامراً يصعب على العقل المتحجّر والقلب المنغلق أن يستوعباه.

كي تفهم منطق ومحبّة ” مريم”، ينبغي أن تفهم منطق ومحبّة المسيح.

وكي تفهم منطق المسيح بعقلك المحدود، إستوجب أن تحمل المسيح أوّلاً في كيانك كلّه، وتشرّع قلبك للحبّ كفعل إلهيّ وتثبت فيه.

فالأعظم من الحبّ هو الثّبات في الحبّ، والأعظم من الإيمان هو الثّبات في الإيمان.


منقول عن : الرعية الأنطاكية الأرثوذكسية Antiochian Orthodox Parish وصفحة saint charbel



{نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات.}


{إنّ التعليقات المنشورة لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي مواقع "خدام الرب" التي لا تتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة إطلاقًا من جرّائها.}

تعليقات